الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ❤️
حقيقة….لتسكنوا إليها
……………………….
لا شك ان الزواج هو البوابة الأولى والشرعية للحصول على احتياجاتنا من السكينة والمودة والرحمة تحت إطار ماحددته شريعة الله ولكى يتم تطبيق هذه الشريعة وضع الله سبحانه وتعالى لها القواعد والأسس التى تبنى عليها .
فكانت البداية لإدراك كلا منا لفطرته السليمة ثم أسس الإختيار لشريك الحياة والتى وإن إختلفت بين فرد وآخر وفقا لإحتياجاته الخاصة وقبول روحه إلا أنها تتفق فى القواعد الإسلامية المتعلقة بالخلق والدين والمال والجمال والأصل الطيب حسبا ونسبا وصهرا وذلك ضمانا لاستقرار الحياة وإستمرار المشاعر واستثمارها فى إطار مملكة أسرية تم بناؤها كما يرتضيه الله سبحانه وتعالى فيرضينا بها .
والحقيقة أنه حينما اغفلنا الكثير من ثوابت الإختيار العامة وثوابت الفهم والاستيعاب الخاصة بشخصية كلا منا لنفسه إختلت الكثير من تلك الممالك الأسرية وإختلت معها القدرة الإنسانية على الإجابة عن تساؤلات وحقائق بديهية كانت بدايتها فى تساؤل مبتغاه …لماذا نتزوج؟؟!!
سؤال كنت أطلقه منذ سنوات عديدة على والدى (رحمه الله) حينما كان يرهقه رفضى الدائم للزواج رغبة فى التعلم والسفر إلى الخارج ، فلم تكن تغريني أحلام الكثيرات من جيلى فى الهدايا والمشغولات الذهبية (الشبكة) والرداء الأبيض والفارس والحصان والمنزل المستقل والتباهى بكثرة المتقدمين للزواج لمجرد التباهى و كسب الرضا المجتمعى بقدر ما كانت تغريني فكرة التعلم واكتساب المعرفة كأسلوب حياة وطريقة للتفكير أستطيع معها ان أختار رجلا يكون شريكا للعمر ويصبح معه العمر بألف عمر .
وبتعاقب السنين ارى ان العزوف عن الزواج قد اصبح امرا معتادا لدى الكثير من شبابنا حتى وإن إختلفت الأسباب ما بين القهر والإرغام عليه بسبب المطالب المادية المبالغ فيها والتى ترهق كاهل (العريس)فى بداية الطريق ومقتبل العمر وترى فيها (العروس) وذويها أنها ضمانا لإستقرارها وإقرارا بقيمتها ومكانتها الغالية لدى أهلها وأمام رفيقاتها وزوجها المستقبلى ،ولا أقول إن الأمر خاطئ فى جميع الأحوال فبعض الثقافات الضحلة ترى أن تهاون اهل العروس فى مطالبهم المادية هو لمداراة عيب فى الفتاة أو جواز مرور للزوج وأهله مستقبلا فى التقليل من شأنها والحط من كرامتها على إعتبار أنه أى (العريس) رائع وفوق العادة لدرجة أن الأهل قد تهاونوا فى حق إبنتهم ، وهى ثقافة صنعت فى البعد العميق لمجتمعنا أن قيمة الأنسان تحددها المادة وتقيمها الأموال والمناصب والشهادات.
أو كان السبب الآخر فى الخوف من المسؤلية وتبعاتها و إغفالهم لحقيقة فطرتهم وإحتياجاتهم الحقيقية فخدعهم شبابهم وعنفوان صحتهم وغرتهم الحياة بمتعها ومباهجها الزائفة وإنسلخ البعض منهم إلى ملء إحتياجاتهم العاطفية بعلاقات مزيفة تتغير كل وقت وحين ،وكأن القلوب محطات ل (الحابل والنابل) فاصبحت كلمات الحب شائعة مستساغة بلا قيمة وتناثرت الهدايا واغانى الحب حتى إذا ما إنقضى العمر وغادرنا الأصدقاء والأهل وتبدل الحال إلى حال وهى سنة الحياة وإلتفت العازفين عن الزواج خلفهم وجدوا أن الوحدة رفيق وان الجدران الصامته قد تم دفع ثمنها من أجمل سنين العمر وأطهر احاسيسه.
ولم تعد مشكلة العزوف عن الزواج مشكلة فردية فقط بل اصبحت إحدى اكثر المشكلات الإجتماعية والنفسية فى العصر الحديث ، والتى إن كانت تدل فإنما تدل على أن شبابنا يعيش فى الحياة هائما على وجه يبحث عن ما لا يعرفه وهو السكينة بطريقة بوهيمية وبغير إستناد على الواقعية الإنسانية و أصول الفطرة السليمة .
فاللهم وصولا بلا ضياع، وحياة بلا اصطناع، وسكينة آتنا اللهم منها بخبر فإذا ماوجدناها كان العمر بألف عمر وعمر .
بقلم د. مى الجناينى