عن حقيقة وحش ..
صنعته مخاوفنا !!!
……………..
كنت قد حدثتكم عن ذلك الخيال الأسود الكبير على الحائط العتيق فى المقابر الشهيرة حينما أجاب عن سؤالى…(أبو رجل مسلوخة مع حضرتك!)…لأخجل من نفسى وأتمالكها ويطول الصمت ويطول معه وقوفى بدون حراك ويأخذ الخيال الأسود فى الصغر شيئا فشيئا مع إقتراب صوته اكثر مستكملا حديثه ….إنه لمن العجب أن نخشى أشياء لا وجود لها او نخشى الآخرين اكثر مما نخشى أنفسنا..فصنعنا فى عقولنا الخوف واحترمناه وقدسناه لسنوات طويلة وتناقلناه بيننا وعلمناه لأطفالنا عوضا عن أن نربى فيهم إحترام منطقهم والخوف من الله فلم يستوقفنا أبدا سؤالين (مما نخاف و..لماذا ؟!).

فلكل فرد فينا مخاوف (كأبو رجل مسلوخه) فى عقله ولكن منا من يهذب مخاوفه تلك ومنا من تحكمه لتقتل فيه تقدمه واستمتاعه بالحياة ومع كل كلمة ينطق بها الخيال الاسود يسطع بداخلى منطق يحكمنى ويزيدنى صلابة استطعت بها الاستدارة لأتحداه فلم أجد وحشا بقدر ما ……وجدت نور الحقيقة فى شيخا كبيرا دب فيه الوهن وتركت عليه أصابع العمر نضجا يدركه المتأملين ..وهو يؤكد على: الخوف منا فينا وليس خارجنا فتصادقى مع مخاوفكى ..لتنجى.

نصيحة غريبة من رجل غريب فى مكان أغرب ولكن المقترب من الصوفية يتعلم العمق والحقيقة فى نفسه ومع الآخرين فتذكرت أن أعظم مخاوفى لسنوات طويلة هى (أن أظلم أحد أو أفقده) فتصادقت مع خوفى من الظلم بداخلى لانام ليلا وأنا مطمئنه أن لا حق لأحد فى رقبتى و….مازلت ابذل جهدى كى لا يسمع الله فى عليائه أنين نفس أوجعتها بظلمى وعن الخوف من الفقد فإننا مدركين فى قرارة أنفسنا أن لا باقى الا الله وأننا إنما نخاف الطريقة التى نفقد بها الآخرين وتلك الأجزاء المتساقطة منا برحيلهم .

فدَواؤُكَ فيكَ وَما تُبصِرُ وَدَاؤُكَ مِنكَ وَما تَشعُرُ…فوحوش الخوف لا تقتلها الأحضان المطمئنة ولا(طبطبة) الكفوف على اكتاف أنهكها الركض ولا كلمات المواساة والمؤازرة بقدر ما تقتلها الصداقة والترويض حتى تصغر وتختفى .

وعن نفسى …
فقد.صادقت مخاوفى وآمنت أن : فى زمن الحماقة فقط الناس عبيد مخاوفهم !!

بقلم
د.مى الجناينى