كتبت / زينب سالم

لم انم منذ يومين ألم اسناني فاق الحد في التحمل تحدثت مع زميلاتي بالعمل نصحنني بالذهاب فورا لطبيب أسنان قائلات كيف تتحملين كل هذا الالم
عرفت ان اقربهم لبيتي هو الافضل في كل المرشحين من الاسماء و قيل عنه
ان لديه خبرة معقولة و مريح
و لاني اخاف من عيادات الاسنان و ما نعيشه بداخلها من ألم و معاناة و صداع بالرأس اتأخر قدر استطاعتي على ان اسمح لنفسي بأن اجلس على هذا الكرسي المزعج امام الطبيب
طرقت الباب اخيرا مستسلمة لأن الالم يكاد يطيح برأسي حجزت بصعوبة برغم ان المكان بسيط و ليس فائق الأناقة
جاء دوري دخلت ببطء و قلبي يدق انظر للكرسي المزعج لم ارى الطبيب كنت ارتجف مما سأعيشه فوق هذا الكرسي ثم التفتت الى من يحييني هززت رأسي و كان حلقي جافا لم أرد الا بعد ابتلاع ريقي
سألته فجأة و بسذاجة ؟ هل حضرتك متأكد انك لن تؤلمني فابتسم في هدوء و رأيت اسنانه رائعة من خلال ابتسامته و لم لا أليس طبيب اسنان فمن باب اولى ان يكون هو نفسه صورة تعكس قدرته و خبرته
استسلمت للكرسي المزعج و بدأ الطبيب عمله و اكتشف وجود تورم تحت ضرس يحتاج لعلاج خاص لمدة معينة ثم بعدها نبدأ بعلاج الضرس ثم باقي الاسنان
للحق لم اشعر بألم او النفور نظرت للطبيب فوجدته راقيا هادئا يدعو للثقة في ملامحه فجأة سألني
هل مازلت خائفة ام زالت ارتجافتك رددت بصراحتي المعهودة
بل كل الخوف انتهى منذ دخلت من هذا الباب فقال باسما و انا سعيد بذلك
استمريت بالعلاج و فوجئت باهتمام الطبيب في زياراتي التالية و التي تلتها و بقية الزيارات التي استمرت شهرا كاملا
فجأة اراد التعرف بعائلتي و خطبتي بل و الزواج الفوري و تعجبت اننا تعرفنا ببعضنا منذ وقت ليس ببعيد
فرد غاضبا ، هل بعد كل هذه المدة لم تتذكريني ألم ينبؤك عقلك او قلبك من اكون
نظرت اليه كثيرا ثم سألته و هل نعرف بعضنا فعلا فقال انك فعلا ضعيفة الذاكرة
انا و انت ارتبطنا بالخطبة منذ ثلاثين عاما
فضحكت كثيرا كثيرا لما قاله و انا اردد منذ ثلاثين عاما كان عمري فقط خمس سنوات فقال و انا كان عمري اثنى عشر عاما و اشتريت خاتما اعجبني من محل خردوات اسفل بيتنا في العباسية و جئت طالبا يدك من والدك لأننا كنا جيران و ضحك والدانا لما طلبته ثم وعدني والدك ان يزوجنا عندما نكبر و انا وعدته بالمثل اني لن اتزوج غيرك ابدا
و لكن والدي جاءه عقد عمل بدولة عربية و بقينا هناك اكثر من عشرون عاما لكن عدنا به مسجى جثة هامدة من هناك ليدفن هنا و انا اكملت تعليمي كله هناك ثم سافرت لاوروبا و عدت بعدهم لدفن والدي و بحثت عنكم كثيرا لكني لم استدل على اي عنوان لكم و كدت افقد الامل حتى رأيتك تدخلين علي مكتبي شككت في البداية حتى عرفت اسمك و تأكدت انك خطيبتي
بعدما عرف عني و عرفت عنه كل ما حدث اثناء ابتعادنا بدأت اميل اليه و فكرت هل بعد خوفي من اطباء الاسنان ارتبط بطبيب هو محور حياتي
تعجبت لتصاريف القدر هل الم في اسناني و انا صغيرة يقربه مني و يخطبني و نحن اطفال بل و يظل وفيا مخلصا منتظرا و انا اخذله
بعد عدة اشهر جلسنا نتذكر طفولتنا و فوجئت به يقدم لي حلوى كنت اعشقها في صغري و سألته و اذا آلمتني اسناني من كثرة الحلوى التي تطعمني اياها
فقال هادئا و هو ينظر لي و اين انا حتى ادعك تتألمين من اسنانك
ضاعت آلام اسناني و ضاع معها خوفي من الوحدة و من الأيام فقد اصبح لي معالجا لكل آلامي و حاميا حتى لأحلامي
و نسيت آلام اسناني الى الأبد ………… تمت …………